تحسُّن التصنيف الائتماني للمملكة: النفط ليس كل ما في الأمر
أوقعت الحرب الروسية الأوكرانية أسواق السلع الأساسية في حالة من الفوضى. مع بداية شهر مارس الماضي تجاوز سعر النفط كل التوقعات بزيادة مذهلة بلغت 68٪ هذا العام. ومع وجود وجهات نظر عديدة تربط المصير الاقتصادي للمملكة العربية السعودية بالذهب الأسود بشكل حصري تقريبًا، لم يكن مفاجئًا عندما قامت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” برفع تصنيف النظرة المستقبلية للمملكة من “مستقرة” إلى “إيجابية”. لكن النفط ليس كل القصة هنا.
كما ذَكَرت وكالة “ستاندرد آند بورز”، فقد تمكنت المملكة العربية السعودية من تجاوز “الصدمات المزدوجة” الناتجة من الجائحة وانخفاض الطلب على النفط وأسعاره. لقد قادت المملكة منظمة أوبك عبر تحديات تُعدّ من الأصعب على مر تاريخها، وواصلت بعزيمة راسخة العمل على تحقيق مستهدفات رؤية 2030، على الرغم من شدة الخطوب الاقتصادية السائدة آنذاك. ما الذي تغير؟ وهل ينجح الاقتصاد السعودي في رحلة التنويع وتحقيق الاستدامة بعيدًا عن النفط؟
يظل النفط محوريًّا للاقتصاد السعودي بالوقت الراهن، لكنه ليس كذلك لرؤية المملكة
تهدف رؤية 2030 إلى تقليل اعتماد المملكة على النفط؛ من خلال توجيه الاستثمار نحو الركائز الاقتصادية الحيوية الأخرى والقطاعات الناشئة. وهذا يتطلب تحولات جوهرية وهيكلية للاقتصاد ككل.
ومع ذلك؛ فإن الاتّكال على النفط لا يزال يمثل قضية جوهرية. حسب تقرير الهيئة العامة للإحصاء فإن أنشطة الزيت الخام والغاز الطبيعي شكلت قرابة 28.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021. بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2021م ما نسبته 3.2٪، بعد ركود بنسبة 4.1٪ في عام 2020م. وقدَّر صندوق النقد الدولي أن المملكة تحتاج أن يكون متوسط سعر النفط 72.40 دولار للبرميل لتحقيق نقطة التعادل لموازنة 2022م. أوضحت وكالة “ستاندرد آند بورز” أن متوسط 85 دولارًا للبرميل المتوقع لعام 2022م إن تحقق فسيترك فائضًا في الميزانية الحكومية للمملكة بنسبة 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعد أول فائض منذ عام 2013م.
ومع ذلك؛ يجب على المملكة ألا تأخذ أسعار النفط الحالية كأمر مُسلَّم به، ولا أخشى عليها من هذا؛ ذلك لأن القطاعات الأخرى تعمل بضراوة لضمان اقتصاد أكثر مرونة واستدامة. على عكس ما كنا نشهده تاريخيًّا، فإن ارتفاع أسعار النفط حاليًا لم يؤثر على الموازنة ونفقاتها، وهذا عكس السابق عندما كانت ارتفاعات النفط تسطو على الموازنة بزيادة النفقات والعكس صحيح. لذلك لا تزال الحكومة تركز على خطتها الحالية إلى حدّ كبير، بعيدًا عن تحركات وتذبذبات النفط قصيرة الأجل.
تيسير وصول المستثمر الدولي للاقتصاد السعودي
خلال السنة الماضية أعلنت المملكة عن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، والتي تركز على تنمية جاذبية الاستثمار، مع التركيز على القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وتحسين القوانين والتشريعات، وتقديم المزيد من فرص الاستثمار والوصول إلى المستثمرين. كما أنها تعتزم خلق الجاذبية المأمولة للمقرات الإقليمية للشركات للعمل بالمملكة العربية السعودية.
ويبدو أن الاستراتيجية تخطو بثبات نحو تحقيق الهدف؛ حيث سجل صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر نموًّا بنسبة 257.2٪ في عام 2021م، والتي لم تكن لتحدث لولا تراكمات العمل الذي سبق الاستراتيجية من تحسين وتطوير مستمر. وبعد تحطيم الأرقام القياسية للنصف الأول من عام 2021م، حقق النصف الثاني مكاسب بنسبة 23.7٪ على أساس سنوي. بالتالي نجد أن تدفقات الاستثمار الأجنبي في عام 2021م تعتبر الأعلى منذ عشر سنوات محقِّقة أكثر من سبعين مليار ريال.
يتمثل أحد مؤشرات الأداء الرئيسية للاستراتيجية في زيادة مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي من 1.5٪ كما في عام 2021م إلى 5.7٪ في 2030م. وفي الوقت نفسه، فإنها تَستهدف زيادة الاستثمار المحلي إلى 1.65 تريليون ريال سعودي بحلول 2030م، والتي تعتبر زيادة أكثر من الضعف عما كانت عليه في عام 2021م. خلال الفترة من عام 2021م إلى عام 2030م؛ فإن الاستراتيجية تستهدف وصول إجمالي الاستثمار التراكمي إلى 12.4 تريليون ريال سعودي.
كما حققت المملكة العربية السعودية مؤخرًا إنجازًا رئيسيًّا يتمثل بمنح المستثمرين الأجانب القدرة على دخول السوق السعودي، فقد نجحت شركة “كلير ستريم” (مزود خدمات ما بعد التداول لمجموعة البورصة الألمانية) في ربط السوق المالية السعودية بشبكتها. بالتالي لم يعد جميع العملاء المؤهلين بحاجة إلى الحصول على وضع “مستثمر أجنبي مؤهل” (َQFI) للاستثمار في الصكوك والسندات وصناديق الاستثمار المتداولة المدرجة بالسوق السعودي.
إدارة الديون السيادية بشكل مستدام
أسست المملكة العربية السعودية المركز الوطني لإدارة الدَّيْن في أواخر عام 2015م، والذي يهدف إلى ضمان استدامة وصول المملكة إلى أسواق الدَّيْن المختلفة في جميع أنحاء العالم؛ لتمويل عجز الميزانية بأفضل هيكل تكلفة ممكن، ودعم مشاريع البنى التحتية. وحتى الآن حقق المركز نجاحات متتابعة قمنا بتفصيلها وسبر أغوارها بمقالة سابقة.
بعد مرور ست سنوات على تأسيس المركز، واعتبارًا من نهاية عام 2021م، بلغ الدَّيْن الإجمالي ما يعادل 938 مليار ريال سعودي. توقع تقرير لوزارة المالية أن يثبُت الدين عند المستوى الحالي حتى نهاية عام 2024م وأن تستمر نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في اتجاهها الهبوطي من 32.5٪ في 2019م إلى 25.4٪ في 2024م (29.2% كما في نهاية 2021م). وأعلنت وزارة المالية سابقًا أنها ستبني إطارًا موحدًا لإدارة الأصول والخصوم السيادية، ودمج المالي وغير المالي منها، وهي الخطوة التي ستجعل المركز يواصل تحقيق النضج الذي تتمتع به مراكز إصدار الدَّين بالدول المتقدمة.
في 30 سبتمبر 2021م أعلن فوتسي راسل (FTSE Russell)، المزوّد العالمي للمؤشرات، عن انضمام صكوك حكومة المملكة المقوَّمة بالريال إلى مؤشرها العالمي الخاص بالسندات السيادية لأسواق الدول الناشئة (EMGBI). ويُتوقع أن يشمل هذا حوالي ثلث الديون الحالية للمملكة؛ مما سيشكل ما نسبته 2.75% من المؤشر ككل. هذا يدعم بشكل كبير استيعاب شريحة مستثمرين أكبر، وبسيولة أعمق وجاذبية أعلى.
المبادرات المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG)
عند مراجعة التقييم الحالي للعوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات الحالية الصادرة عن وكالة “موديز” الائتمانية للمملكة؛ فسنجد أنها تميل للسلبية نوعًا ما. ومع ذلك، مع مرور الوقت والتقويم المتواصل لهذه المعايير والشفافية حولها؛ فإني أعتقد أن المملكة بدأت بالفعل مسيرة جادة لتحقيق تحسن وترقية قريبة في هذا التصنيف الحالي الذي يشير إلى (CIS-3).
أولت المملكة اهتمامًا خاصًّا بالآونة الأخيرة لهذا الزخم العالمي المتسارع بالمعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، فقد أطلقت “تداول السعودية” إرشادات للإفصاح بشأن القضايا المتعلقة بهذه المعايير، وبما يتماشى مع التركيز العالمي وزيادة العناية الواجبة حولها. أعلن صندوق الاستثمارات العامة أيضًا عن استراتيجية متكاملة لهذه المعايير والنظر في الاستثمار بمشاريع الطاقة المتجددة والمياه، وكذلك المشاركة بفاعلية لتحقيق الحياد الكربوني الصفري بحلول عام 2060م. أتوقع أن يستمر امتداد آفاق النطاقات الإرشادية والتشريعية لتكون أكثر شمولية وأهمية، بل أن المؤسسات التي تأخذ هذا الأمر بجدية مطلقة في هذه الأوقات ستجني ثمرات عظيمة مستقبلًا.
تطوّر القطاع المالي من خلال المصرفية المفتوحة
بعد أن أعطت الأولوية للاستقرار في الماضي، تقود المملكة أيضًا ثورة في قطاعها المصرفي. أعلن البنك المركزي السعودي (ساما) عن “سياسة المصرفية المفتوحة” في عام 2021م، مما يسمح لعملاء البنوك بمشاركة حساباتهم المصرفية بأمان مع طرف ثالث من مزوّدي الخدمات حتى يُتاح لهؤلاء العملاء الاستفادة من مختلف الخدمات والمنتجات المالية وبطريقة مبتكرة. هذا الأمر لوحده كفيل بأن يفتح الباب أمام المنتجات المالية المتكاملة والأفكار الإبداعية، وسيحفّز تطوير التكنولوجيا المالية في المملكة.
كما أعلنت ساما عن إطلاق منصة البيانات المفتوحة، التي تحتوي على منجم من الإحصاءات والمؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية المهمة. ويمكن لأصحاب الأعمال والباحثين والمؤسسات سحب هذه البيانات بتنسيقات مختلفة. ستعمل هذه الخطوة على تحسين مناخ الأعمال والشفافية المالية وجاذبية المستثمر المحلي والأجنبي. وحاليًا توجد أكثر من خمسين جهة حكومية تقدم بيانات مفتوحة وجاهزة للعموم، فهل من مستفيد؟
ولكن في رأيي هناك تحدٍّ يجب مجابهته برَوِيَّة وحذر. هذا الجانب يتعلق بالاحتيالات المالية التي تتسع رقعتها بشكل مقلق، فقلّما تجد شخصًا لم يتضرر من ذلك. قد يكون الحل الحكيم المؤقت (كما نشهد حاليًا) بتدشين بعض التقييدات على الحسابات البنكية وعلى البنوك، لكن يجب أن يُنظَر في كيفية خلق المرونة مستقبلاً وبطريقة آمنة، وإلا أصبحت التطورات والمنجزات التي اغتنمها القطاع بالسنوات الأخيرة موضع تساؤل.
خلق بيئة داعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة وشركات التكنولوجيا المالية
إلى جانب التقدم في القطاع المصرفي، تشجع المملكة العربية السعودية الابتكار في القطاع الحيوي للشركات الصغيرة والمتوسطة وشركات التكنولوجيا المالية. أخذت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” زمام المبادرة في إنشاء بيئة أعمال تنافسية وصحية لجذب الوافدين والمستثمرين الجدد إلى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. واستكمالًا للنظام البيئي للأعمال وريادتها؛ فإن الهيئة تدعم إنشاء برامج وحلول تمويلية تسمح للقطاع بالازدهار.
أحد الأمثلة على ذلك هو برنامج “كفالة”، وهو برنامج ضمانات قروض حقق قيمًا تصل إلى 10.2 مليار ريال سعودي في عام 2021م، واستفادت منه أكثر من 5000 شركة. وفقًا لرؤية 2030، فإن المستهدَف أن تساهم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي من 20٪ حاليًا إلى 35٪ بحلول عام 2030م.
خلال المؤتمر العالمي لريادة الأعمال الذي عُقِد بالرياض في شهر مارس الماضي، أعلنت المملكة عن اتفاقيات ومبادرات استثمارية بقيمة 51.8 مليار ريال سعودي في مختلف الصناعات والقطاعات. سيكون وقع هذه المبادرات (مثل إطلاق بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة الجديد) إيجابيًّا لبناء محرّك قويّ للنمو الاقتصادي. وبحسب تقرير مركز التنافسية العالمي؛ فقد احتلت المملكة المرتبة الثانية عشرة في مؤشر توافر رأس المال الجريء، والذي يُعدّ من أهم المؤشرات الفرعية.
يتمتع قطاع التكنولوجيا المالية مؤخرًا باهتمام حكومي متصاعد لدعم بيئة الأعمال لإيجاد شركات وطنية ورياديين أبطال. إلى جانب ترخيص ثلاثة بنوك رقمية خلال الأشهر القليلة الماضية، قامت ساما مؤخرًا بترخيص ثلاث شركات جديدة في مجال التكنولوجيا المالية في قطاعات التمويل (أول ترخيص تمويل جماعي بالدَّيْن) وقطاع المدفوعات الإلكترونية (أصبحت هناك سبع عشرة شركة مدفوعات في مجال التكنولوجيا المالية). حققت المملكة العربية السعودية مؤخرًا المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في التنافسية الرقمية لعام 2021؛ حسب تقرير المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية، وبذلك تقدمت المملكة عشرين درجة في المؤشر العام مقارنة بالعام الذي يسبقه.
تعزيز الدعم الاستراتيجي من خلال صندوق الاستثمارات العامة
يوفر صندوق الثروة السيادية للمملكة دعمًا استراتيجيًّا للاقتصاد، ويعتبر من أهم الروافد الاستثمارية. كما أن وجود أكثر من خمسمائة مليار دولار من الأصول المتنوعة محليًّا ودوليًّا، يُمثل صمام أمان لاقتصاد المملكة وعامل تنويع مطلوب لا سيما في عالم اقتصادي تشوبه التقلبات أكثر من أي وقت مضى.
بحلول عام 2025م، يستهدف صندوق الاستثمارات العامة توسيع قاعدة الأصول حتى تفوق التريليون دولار أمريكي. وفي وقت سابق من هذا العام، نجح الصندوق في الحصول على أول تصنيف ائتماني من وكالة “موديز” (تصنيف مُصدر A1)، ووكالة “فيتش” (تصنيف مُصدر طويل الأجل A). تدل جودة هذه التصنيفات على حصانة الملاءة المالية والجدارة الائتمانية للصندوق.
كما أن صندوق الاستثمارات العامة هو المولّد الأساسي الذي يُبقي المشاريع الضخمة المحلية على المسار الصحيح. بالتوازي مع ذلك، يسعى الصندوق جاهدًا إلى رفع مستوى معايير الأعمال في مختلف الصناعات والقطاعات من خلال التعاون مع الشركات المحلية، والدخول بشراكات استراتيجية، وتأسيس الشركات.
استغلال الموارد الطبيعية وفرص التعدين
ربما سيطر النفط على النظرة المستقبلية للسلع بالمملكة حتى الآن، لكن البحث مستمر في مواردها الطبيعية الأخرى. تم العثور على ثمانية وأربعين معدنًا حتى الآن، بما في ذلك المعادن المهمة للطاقة النظيفة والخضراء مثل النحاس والزنك.
نتابع كذلك مؤخرًا الحظوة التي ينالها الاستثمار بالتعدين. وكما أوضح معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف؛ فقد أشار إلى أهمية “الاستثمار في الموارد الطبيعية، واستغلال الموقع الجغرافي المتميز للوصول إلى العالم؛ من خلال الاستثمار في عدد من الصناعات التحويلية التي سيكون لها قيمة مضافة للاقتصاد الوطني”. ومع وجود 1.3 تريليون دولار أمريكي من المعادن غير المستغلة في المملكة بأكثر من 5300 موقع؛ فإن الهدف هو زيادة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 64 مليار ريال إلى 240 مليار ريال بحلول عام 2030م، واستحداث قرابة ربع مليون فرصة عمل. هذا إن تحقق سيجعل من التعدين الركيزة الثالثة للاقتصاد السعودي بعد النفط والبتروكيماويات.
في شهر يناير الماضي، استضافت المملكة مؤتمر التعدين الدولي في الرياض. حظي المؤتمر بحضور باهر وعلى مستوى رفيع من العديد من البلدان حول العالم. الرسالة المستقاة من هذا المنتدى مفادها أن المملكة تسعى لأن تكون مركزًا للمعادن ورائدًا إقليميًّا في هذه الصناعة. من وجهة نظري؛ فإن رعاية وتعزيز المزيد من البحث والتطوير في هذا القطاع من شأنه أن يؤدي إلى مكسب وطني اقتصادي هائل على المدى الطويل.
الأهداف الكبرى للمملكة تحظى بالإشادة
بدا جليًّا أن المملكة تقود حملة على عدة جبهات لتنويع الاقتصاد، والآن تحظى بالإشادة من كبريات وكالات التصنيف الائتماني. كما ذكر تقرير “ستاندرد آند بورز”:
قامت وكالة “موديز” بترقية النظرة المستقبلية للمملكة من “سلبية” إلى “مستقرة” في نوفمبر 2021م، وأتوقع المزيد من الترقيات قريبًا جراء ما ذكرنا سالفًا. ولكن ربما كان المسوّغ الأهم المذكور خلال التقرير هو: الإصلاحات المالية والاقتصادية بالمملكة العربية السعودية. وكما ذكر التقرير؛ فإن وجهة نظر الوكالة ترجع إلى “سياسة الحكومة الفعّالة بالسياسة المالية، واستجابات وردود أفعال السياسات في فترات انخفاض أسعار النفط وارتفاعها، والتي تبين استمرار الالتزام بضبط جوانب المالية العامة والاستدامة المالية على المدى الطويل“.
وإذا كان ما ذكرنا غير كافٍ؛ فالدليل بيِّن وجليّ؛ فقد ساهم إطار عمل الرؤية في نموّ الإيرادات غير النفطية من أقل من 10٪ عام 2015م إلى أكثر من 18٪ في عام 2020م، وتقليص النفقات الأولية (والتي لا تشمل خدمة الدين) من نسبة 56٪ عام 2015م إلى 53٪ عام 2020م. وبالنظر للأرقام الأخيرة فإنّ نموّ الإيرادات والأنشطة غير النفطية سجّل ارتفاعًا يُقدر بحوالي 6.1٪ في عام 2021م.
سردنا في هذه المقالة ما تيسر مما يدعونا للتفاؤل -إن شاء الله-، ولا يسع المقام إسهابًا بكل جانب. بيان ذلك ما نشهده حتى هذه اللحظة من تفوق اقتصادي، وحراك على خارطة الأعمال الدولية، فتحصين ما تم إنجازه بات أهم من أي وقت مضى، والتعاون بين كل الجهات سيُعظّم النفع المأمول نحو العيش ضمن مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.